يحدد بروتوكول باريس الاقتصادي الموقع عام 1994، العلاقة الاقتصادية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومن أبرز بنوده قيام إسرائيل بجباية الجمارك والضرائب المختلفة للسلع المستوردة لمناطق السلطة الفلسطينية، كون إسرائيل تسيطر على المعابر والحدود، وبالتالي فإنها تسيطر على كل الصادرات والواردات الفلسطينية التي يجب أن تمر عبرها. وينص البروتوكول الاقتصادي على اقتطاع 3% من أموال الضرائب لصالح إسرائيل (كعمولة إدارية) وتسليم تلك الايرادات للسلطة الفلسطينية على أساس تقاص شهري. وكانت هذه الاتفاقية، عند توقيعها، مؤقتة لخمس سنوات، ولكن عملياً ما زال معمولاً بها لغاية إعداد هذه الورقة. وقد عملت إسرائيل على مدار السنوات السابقة إلى استخدام إيرادات المقاصة كسيف مسلط على رقاب الفلسطينيين، ووسيلة لقرصنة الأموال الفلسطينية؛ فعملت عدة مرات على احتجاز وعدم تحويل تلك الأموال، وعملت، وما زالت، على احتجاز واقتطاع من تلك الأموال تحت مسميات مختلفة. وفي العام 2003، تم استحداث مصطلح صافي الإقراض، وهو المبالغ التي تستقطعها إسرائيل من إيرادات المقاصة لتسوية ديون مستحقة للشركات الإسرائيلية المزودة للكهرباء، والمياه، وخدمات الصرف الصحي للبلديات ولشركات وجهات التوزيع الفلسطينية، وغيرها من البنود، وقد تجاوزت قيمة صافي الإقراض المليار شيكل سنوياً. وبتاريخ 8/7/2018، أقرّت (الكنيست) قانوناً عنصرياً "غير قانوني" لحجز أموال من إيرادات المقاصة تكافئ مخصصات الأسرى الفلسطينيين وعوائلهم، وبدأت في العام 2019 بحجز تلك الأموال، وارتفعت وتيرتها في السنوات اللاحقة، لتصل إلى 51 مليون شيكل شهريا. كما عملت الحكومية الإسرائيلية الحالية المتطرفة بقيادة نتنياهو- سموتريتش – بن غفير، على رفع تلك الاقتطاعات إلى (102) مليون شيكل شهريا. وتبعا لبيانات وزارة المالية، فقد بلغت تلك الاقتطاعات "غير القانونية" لغاية 30/9/2023 (770) مليون شيكل، عدا عن خصم صافي الإقراض والذي بلغ في ذات الفترة (984) مليون شيكل، ورسم تحصيل المقاصة الـ (3%) والتي بلغت في ذات الفترة 240 مليون شيكل. وفي أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعالت أصوات القيادة العنصرية في إسرائيل لحجز أموال المقاصة، وقرر المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت الموسع) الاقتطاع من أموال المقاصة التي تجبيها سلطات الاحتلال نيابة عن السلطة الفلسطينية، وتحويل الأموال للسلطة بعد خصم المبالغ المخصصة لقطاع غزة المحاصر وكذلك لذوي الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال. ويعني هذا الخصم احتجاز ملايين الشواكل شهريا، كون الموازنة المخصصة لقطاع غزة تصل إلى حوالي (5.5) مليار شيكل، وتتضمن بدل أثمان كهرباء ومياه، ورواتب موظفين، خاصة في قطاعي التربية والتعليم والصحة، ومشاريع تطويرية تتعلق بالخدمات العامة (مياه/ صرف صحي/ شوارع/ إسكان). لذا لا بد من إجراءات على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي تجاه رفض قرصنة إسرائيل لأموال المقاصة، خاصة أنها تشكل حوالي ثلثي الإيرادات العامة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وحوالي (75%) من الإيرادات الضريبية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وقدرت في العام 2023 بمبلغ (12) مليار شيكل، وفي ظل مؤشرات الميزان التجاري، والتي تشير إلى مزيد من الاعتماد على إيرادات المقاصّة، في ظل تضخم الواردات، خاصة السلعية بشكل متسارع، مقابل تزايد أقل في حجم الصادرات. ومن الضروري إلغاء عمولة تحصيل إسرائيل لأموال المقاصة التي تبلغ 3%، خاصة وأن الجباية تتم بشكل الكتروني، وتبعا لتقديرات البنك الدولي، يجب ألا تتجاوز تلك العمولة بحدها الأعلى 0.6%، أي أن ما تجبيه إسرائيل 5 أضعاف الفعلي، ما يبين بشكل جلي حجم السرقات الإسرائيلية في هذا الملف فقط. ملاحظة هامة: تحويل إسرائيل لأموال المقاصّة ليس منّة أو منحة، وإنما هو معاملات تجارية بناء على اتفاقيات موقعة، وتأخذ إسرائيل عليها عمولات كبيرة، ولا يحق لإسرائيل بأي حال من الأحوال سرقة أو حجز هذه الأموال، تحت أي مسمى. بمقاربة بسيطة، فإن مجموع الأموال التي اقتطعتها إسرائيل تحت مسميات (حجز بدل أموال الأسرى/ صافي الإقراض/ عمولة إدارة مقاصة) بلغت لغاية 30/9/2023، قيمة (1,958) مليون شيكل، في حين أن كل الدعم الخارجي من الدول المانحة للموازنة العامة بشقيّ الخزينة العامة والتطويري بلغ فقط (841) مليون شيكل، أي أقل من نصف الاقتطاعات والقرصنة والسرقة الإسرائيلية لأموال الشعب الفلسطيني. التوصيات:
اقرأ المزيد...
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2024/9/26
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2024/9/21
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2023/12/23
لنفس الكاتب
تاريخ النشر: 2023/11/8
تاريخ النشر: 2020/7/1
تاريخ النشر: 2012/1/12
تاريخ النشر: 2011/12/26
|