منذ انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، والأحداث والحروب تتوالى من فرض الحصار واستهداف عسكري متكرر لبقعة جغرافية تبلغ مساحتها (360 كم مربع) يعيش فيها نحو 2.2مليون نسمة فلسطيني، حيث ان الاحتلال الإسرائيلي وفي عام 2008 ، شنت عملية عسكرية واسعة على القطاع ، راح ضحيتها 1417 فلسطينياً، بينهم 400 طفل و240 امرأة ، وأصيب 5400 آخرين، كما دُمِّر أكثر من 10 آلاف منزل بشكل كامل أو جزئي، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012، شهد قطاع غزة عدواناً جديدا كانت حصيلة الشهداء نحو 174 فلسطينياً، بينهم 42 طفلاً و11 امرأة، وأصيب نحو 1300 آخرين. وفي صيف 2014، قام الاحتلال الإسرائيلي بعدوان عسكري آخر على قطاع غزة استمر لمدة 51 يوماً، حيث وصلت حصيلة الضحايا الى 2322 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً ، و489 امرأةً، .وأصيب أكثر من 11 ألفاً ،وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 شنت إسرائيل غارات جوية حربية على غزة، استشهد فيها 34 فلسطينياً وجرح نحو 100 آخرين، بينهم مدنيون وفي عام 2021، شنت إسرائيل حملة قصف جوي على قطاع غزة، أودت بحياة 240 فلسطينياً بينهم 59 طفلاً، و83 امرأة، وإصابة 1972مواطناَ اخرين . وفي التاسع من أيار لعام 2023 شنت إسرائيل غارات جوية مكثفة على القطاع اودت بحياة 13 فلسطينياً، بينهم 4 أطفال و6 نساء، وفي الخامس من أغسطس/آب 2022 شنت إسرائيل عدة غارات راح ضحيتها 24فلسطيناً ، من بينهم 6 أطفال، وأصيب 203 آخرون بجروح، جراء الغارات الإسرائيلية على غزة. في السابع من أكتوبر لعام 2023 بلغت القوة القائمة بالاحتلال الإسرائيلي في حربها الأخيرة منذ اندلاعها حد ارتكاب العديد من الانتهاكات الجسيمة لقانون الدولي، منها العقاب الجماعي، الإبادة الجماعية وإجبار المواطنين على ترك موطنهم من خلال محاولات تطهير عرقي غير مسبوق للشعب الفلسطيني في غزة، وتنفذ ضربات قاسية على المدنيين والعزل ضمن سياسة منهجية وتصعيديه لإنهاء الوجود في قطاع غزة وحرمان أهل القطاع من العيش، حيث تعمل على تقييد فرص الناس في الحصول على المواد الحياتية والأساسية، وتهاجم الكوادر الطبية في ظل ظرف صحي صعب يعيشه القطاع الصحي في غزة، وتستهدف دور العبادة والمدارس. نحاول في هذه الورقة تسليط الضوء على الانتهاكات التي تمارسها القوة القائمة بالاحتلال الإسرائيلي والتي تتعارض بشكل مباشر مع المعايير والاتفاقيات الدولية والقانون الدولي الإنساني، وتعد جرائم حرب مستمرة: يؤكد النظام الأساسي للمحكمة أن تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية يشكل جريمة حرب. وهذا ما تقوم به "إسرائيل" خلال حربها التي تشنها على قطاع غزة باستهداف المنازل والعمارات السكنية وقصفها على رأس ساكنيها، ما خلّف آلاف الشهداء والمصابين حتى لحظة نشر هذه الورقة. وهذا ما يتعارض مع المادة 25 من اتفاقية لاهاي التي تنص على "حظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والأماكن السكنية أو المباني المجردة من وسائل الدفاع أيٍ كانت الوسيلة المستعملة" وهذا يشكل جريمة حرب وابادة جماعية للمواطنين. كما انتهكت دولة الاحتلال المادة 7 و8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، واللتين يحظر بموجبهما ترحيل السكان المدنيين عن أراضيهم بغرض ارتكاب جريمة حرب، واستخدام تجويعهم كأسلوب حرب. وقد تجلى هذا الانتهاك بمطالبة الاحتلال للسكان الفلسطينيين للرحيل الى الجنوب او صحراء سيناء. ويحظر البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية جنيف "إصدار أوامر بالنزوح القسري للسكان المدنيين لأسباب تتعلق بالنزاع" وهذا ما يقوم الاحتلال الإسرائيلي به بشكل كامل؛ فقد تم إصدار أوامر مشفوعة بالصواريخ الثقيلة على منطقة شمال غزة ما أدى إلى نزوح أكثر من مليون شخص من منازلهم إلى مدارس الأونروا وساحات المستشفيات وأي مكان يظنونه آمناً، وتنص المادة (53) من ذات الاتفاقية على أنه: (يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد، أو جماعات، أو بالدولة، أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية، أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير). وعليه، فإنه لا يجوز لدولة الاحتلال تنفيذ "تهجير" كلي أو جزئي للسكان المدنيين في قطاع غزة لعدم وجود أي مبرر قانوني، فتهجيرهم هو بهدف التطهير العرقي والاستيطان غير الشرعي الأمر الذي يشكّل جريمة حرب. تنص اتفاقية جنيف الرابعة في بروتوكولها الإضافي الأول على السماح بمرور شحنات الإغاثة الإنسانية وحمايتها وتيسير مرورها، وهذا ما يتنافى بشكل كامل مع ما تقوم به "إسرائيل" بمنعها دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة من الأراضي المحتلة، وتهديد البعثات الإغاثية على الجانب المصري من خلال قصف محيط معبر رفح البري لمنع هذه المساعدات والبعثات من الدخول لما في ذلك من خطر حقيقي يهدد حياتهم. إن حصار إسرائيل لقطاع غزة يشكل انتهاكا لالتزاماتها كدولة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. الإجراءات المتعمدة للقوات الإسرائيلية والسياسات المعلنة للحكومة اشارت بشكل واضح إلى نية فرض عقاب جماعي على شعب قطاع غزة، إسرائيل أخلت بواجبها الذي يحتم عليها السماح بحرية مرور جميع رسالات الأدوية والمهمات الطبية وأدوات المستشفيات، والأغذية والملابس والتي تعتبر حاجة ماسة لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان المدنيين. كما تتحكم إسرائيل بكامل المقومات الأساسية للحياة في غزة؛ فقد أشار وزير جيش الاحتلال إلى أنهم يفرضون حصاراً خانقاً ومستمراً منذ السابع من تشرين الثاني، وصل إلى قطع المياه والكهرباء عن القطاع كاملاً. كما أنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كان واضحاً باستهداف كل من المدنيين والأعيان المدنية. ووفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 وبروتوكولها الأول الإضافي لسنة 1977، فإنه يجب حماية الأعيان المدنية (المادة 52)، وتحظر المادة 147 من الاتفاقية تدمير الممتلكات بشكل غير مشروع، معتبرةً ذلك من المخالفات الجسيمة. كما نصت المادة (25) من لائحة لاهاي الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 على حظر مهاجمة المدن أو القرى المدنية المحمية بموجب القانون الدولي الإنساني. كما أنّ الفقرة (ب) من المادة (8) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية اعتبرت أنّ استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في ظل الحرب تعتبر جريمة حرب تدخل ضمن اختصاص المحكمة. وإلى جانب ذلك، يحظر القانون الدولي استهداف أفراد الخدمات الطبية كالأطباء والمسعفين ووسائل النقل الطبي والمستشفيات، علاوة على حظر الهجمات العشوائية وهي الضربات التي لا توجّه إلى هدف عسكري محدد، إلى جانب حظر العقوبات الجماعية حيث أدت هذه الموجة إلى خروج اثنا عشر مشفى عن الخدمة نتيجة القصف لمرافقها، ومن ضمنهم المستشفى الأندلسي ومستشفى العيون الدولي ومستشفى مدينة بيت حانون ومستشفى العودة. علاوة على ذلك، قصف المستشفى المعمداني التابع للكنيسة الأسقفية الأنغليكانية باستخدام سلاح فتاك يحمل أطنان من المتفجرات، وقد راح ضحيتها اكثر من 800 مواطن ما بين شهيد وجريح وما زالت هجمات الاحتلال مستمرة لتشمل أيضا استهداف المدارس ودور العبادة كالمساجد والكنائس دون اكتراث. وقد أمعن الاحتلال استهداف الكوادر الطبية وطواقم الإسعاف، ما أدى إلى استشهاد 57 شخصاً من الكادر الطبي وإصابة 100 آخرين بالإضافة إلى تضرر 32 مركزا طبياً جراء القصف الإسرائيلي. كما تم إلحاق الضرر بـالعديد من مركبات الإسعاف، والتي تعطلت عن العمل تماما. "للحرب قواعد يجب التمسك بها في جميع الأوقات لضمان حرية كل المدنيين في كل الأوقات تماشيا مع القانون الدولي الإنساني".
المراجع :
اقرأ المزيد...
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2024/9/26
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2024/9/21
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2023/12/23
|