يهدف تشريع حماية الأسرة من العنف إلى حماية الأسرة نفسها كمؤسسة وضمان بقائها لأهميتها المجتمعية؛ وقد أدرك المشرع الفلسطيني هذه الأهمية من خلال مشروع القرار بقانون، لذلك أكد على التزام جميع الوزارات والمؤسسات الرسمية كل حسب اختصاصه بتطوير البرامج، والسياسات والخطط التي من شأنها الإسهام في تعزيز الثقافة المجتمعية المناهضة له، وتعزيز استجابة السياسات العامة بما في ذلك التربوية، والصحية، والتشريعية، والإعلامية، ومراقبة أثرها وتقييمها دورياً وبالتعاون مع المؤسسات الأهلية الأخرى". تركز هذه الورقة على بعض المؤشرات المالية ذات العلافة بمشروع القرار بقانون. يتعرض جميع أفراد الأسرة في فلسطين للعنف سواءً الأطفال أو الأحداث أو النساء أو الرجال أو الأفراد غير المتزوجين، ولكن النساء المتزوجات هن أكثر الفئات تعرضاً للعنف الأسري، وفقاً لمسح العنف الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطين في العام 2019 29.4 من النساء المتزوجات لأحد أنواع العنف من قِبل الزوج، بالمقابل بلغت النسبة 13% للرجال من قِبل زوجاتهم بناءً على اعتراف الزوجات، و44.7% من الأفراد الذين لم يسبق لهم الزواج، و7.6% من كبار السن، و44.2% من الأطفال للأطفال (12-17 سنة) للعنف من قِبل أحد الوالدين. وعلى الرغم من النسبة الكبيرة لتعرض النساء للعنف من قِبل الزوج؛ إلا أن نسبة كبيرة منهن أي نحو 60.3% منهن فضلن السكوت على الاعتداء من أزواجهن ولم يبلغن أحداً بالأمر، ونسبة قليلة من النساء تلجأ للطرق الرسمية لطلب المساعدة؛ فإن 2.9% ذهبت إلى محامي لرفع قضية ضد الزوج، و1.3% ذهبت لمكتب الشرطة أو وحدة حماية الأسرة، و1.4% توجهت إلى مركز مساعدة نفسية واجتماعية وقانونية. يوضح الجدول أدناه تقدير لبعض التكاليف التي قد تنجم عن إصدار مشروع القرار بقانون وتطبيق أحكامه.
يتبين من الجدول أعلاه ان التكلفة الرئيسة الإضافية المقدرة لوزارة التنمية الاجتماعية نحو (4) مليون شيكل سنوياً، على اعتبار أن الجهات الأخرى (الشرطة، والنيابة، والمحاكم) تقوم بدورها حالياً دون تخصيص إدارات متخصصة بالكامل لصالح الحماية من العنف، ولكن في حال خصصت هذه الجهات إدارات متخصصة فقط للحماية من العنف ستصل التكلفة الاجمالية إلى نحو 16.2 مليون شيكل. ولكن حتى في حالة تم تكبد هذه التكلفة إلا أنها تُشكل جزءاً ضئيلاً من النفقات العامة أي نحو 0.1% فقط. حيث بلغ اجمالي النفقات العامة في العام 2022 حوالي (16.2) مليار شيكل، ويعني ذلك أن تكلفة إصدار مشروع القانون وتطبيق أحكامه لا تُشكل عبئاً مالياً على الموازنة العامة، ولا تُشكل عائقاً أمام إقرار مشروع القرار بقانون. من ناحية أخرى تجدر الإشاة إلى أنه بالرغم من أهمية احتساب بعض التكاليف الناجمة عن العنف ضد النساء إلا أن هناك تكاليف أخرى باهظة وهي التكاليف الاجتماعية التي تنعكس آثارها على المجتمع ككل. وقد أظهرت بيانات وزارة التنمية الاجتماعية كما يتبين من الشكل أن العنف الممارس ضد النساء قد دفع حوالي 60% منهن إلى الهروب من المنزل، وحاول 18% منهن الانتحار، إضافة إلى الإصابة بالأمراض النفسية والجسدية، والحمل غير الشرعي وغيرها. إن عملية احتساب التكلفة المترتبة على العنف ليست بالعملية السهلة، ولا توجد إحصائيات وحسابات وطنية لقياس مدى تأثير العنف على الموازنة العامة للدولة، بسبب النظرة السائدة إلى العنف كقضية خاصة ومرتبطة بالمرأة فقط، لاسيما عند الحديث عن الآثار غير المباشرة وغير المادية التي ينبغي قياسها. والتي منها على سبيل المثال: انتهاك حقوق الإنسان، والآثار سلبية على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتعرض المرأة العاملة إلى إصابة صحية جسدية، مما يؤدي إلى حاجتها إجازات مرضية، وقلة التركيز وعدم الإنتاجية، وتأثير العنف على الأطفال والفشل الدراسي، وارتفاع نسبة الأطفال المتسربين من المدارس، وارتفاع نسبة البطالة على المدى البعيد، ووجود نسبة من الأطفال المشردين الذين سيصبحون عالة على المجتمع. والنفقات الحكومية الخاصة بتوفير العلاج الصحي، وبيوت الأمان، والعلاج النفسي، ورصد حالات العنف ضد المرأة، والنفقات الخاصة بالفرد لمتابعة القضايا قانونياً وأتعاب المحامين، وفقدان الدخل بسبب الغياب المتكرر عن العمل أو عدم الفعالية في الإنجاز، وتكاليف اجتماعية ناتجة عن تفكك الأسرة، والتكلفة الخاصة بتدريب وتمكين أفراد حول التعامل مع حالات العنف، والتكلفة الخاصة بإصدار التشريعات والقوانين الخاصة بحماية النساء من العنف. ويؤكد على ذلك أن الأمم المتحدة ترى أنه لا تزال التكلفة الاقتصادية والاجتماعية والصحية للعنف ضد المرأة غير موثَّقة وغير معترف بها إلى حد كبير، إلا أنها هائلة في رأي الباحثين والأخصائيين والمدافعين عن حقوق المرأة.
للاطلاع على ورقة الحقائق بصيغة PDF
اقرأ المزيد...
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2024/9/26
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2024/9/21
بقلم: مفتاح
تاريخ النشر: 2023/12/23
|