جرادات..أنت ألان حرُ
الموقع الأصلي:
في الأيام الماضية كنا نخشى أن يموت الأسير سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ أكثر من 200 يوم، ليس خشية عليه فحسب، بل لأن موته سيواجهنا بضعفنا بل الأحرى بعجزنا عن نصرته، لكن الموت كان حاضراً حائماً حول الأسرى، إلا أنه كان بانتظار الأسير عرفات جرادات 30 عاماً، الذي استشهد في سجن مجدو يوم السبت الماضي بعد 6 أيام من اعتقاله والتحقيق معه، فقد سقط جراء التعذيب الجسدي والنفسي الذي أوقعه به جنود الاحتلال أثناء التحقيق، كما برهن على ذلك التشريح الطبي، بما ينفي المزاعم الإسرائيلية أن الشهيد مات جراء نوبة قلبية مفاجئة.
موت جرادات كان مفاجئاً وغير متوقع كما في حالة العيساوي الذي اختار طريقا ًيدرك ومن حوله أنه طريق للموت البطيء حتى تتحقق مطالبه، بخلاف جرادات الذي باغته الموت وإثر التعذيب الشديد، وقد أحدث موته نقطة تحول خطيرة في مسيرة الحركة الأسيرة النضالية، فقد وصل السيل الزُبى من الغطرسة الإسرائيلية التي تجاوزت كل الحدود، وانتهكت كل القوانين والمواثيق الدولية التي تكفل للأسرى حقوقهم العادلة، فعملية القتل المبيتة التي أقدم عليها جنود الاحتلال، تبرهن على عدوانيته وحقده على الشعب الفلسطيني ومقدراته، وتؤكد على سياسته اللا أخلاقية التي تتواصل بوتيرة متصاعدة خاصة ضد الأسرى في سجون الاحتلال. لم يكن موت جرادات موتا ًعاديا ً، فحتى الموت لم يكن عادياً هنا، فقد مات نتيجة التعذيب الشديد على مدار أيام، وهو ما انتفض لأجله أبناء الشعب الفلسطيني اليوم في الخارج وفي الأسر، حيث أعربت الحركة الأسيرة عن إضرابها عن الطعام اليوم وأمس احتجاجاً على موته وعلى الإجراءات القمعية التي تمارس بحقهم، وحدثت مواجهات عدة بين الشبان الفلسطينيين الغاضبين وبين قوات جيش الاحتلال على نقاط التماس. إن المطلوب الآن هو تحقيق دولي في ظروف استشهاد الأسير جرادات، بما يفضح الممارسات الإسرائيلية بحق الأسرى داخل السجون، فهم يتعرضون للتعذيب والعزل الانفرادي والإهمال الطبي والاعتقال الإداري المتكرر دون أية تهمة أو محاكمة، والذي يمكن أن يتجدد ويستمر لسنوات، وهو الذي كان سببا في معركة الأمعاء الخاوية التي بدأها الأسرى وقد جاء إضرابهم للإعراب عن الاحتجاج على ذلك والمطالبة بأبسط حقوق العدالة والمعاملة الإنسانية، حيث يواصل الأسرى سامر العيساوي وأيمن الشراونة وجعفر عز الدين وطارق القعدان إضرابهم عن الطعام احتجاجا ًعلى الاعتقال الإداري. إن إسرائيل تتحمل كامل المسؤولية عن موت الشهيد جرادات وعن حياة العيساوي وشراونة وكامل الأسرى، ولقد آن للعالم أن يفتح عينيه على جرائم إسرائيل، وأن يخرج عن صمته إزاء غطرستها وعتوها، فصمته لم يعد مقبولا ً، ولا بد من محاسبتها على أفعالها في محكمة الجنايات الدولية خاصة بعد أن أصبحنا دولة باعتراف أممي، ويتعين على الجميع على المستويين الرسمي والشعبي الوقوف في وجه هذه السياسة الإسرائيلية المستفزة بكل السبل المتاحة، وتدويل قضية الأسرى في المحافل الدولية والحقوقية، وإلزام إسرائيل باحترام القوانين الدولية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تحمي حقوقهم. وعلى الرغم من أن دولة الاحتلال لا تتجاوب مع أي تحقيق دولي يمكن أن يفتح، إذ تعتبر نفسها دولة فوق القانون، إلا أن الدفع بهذا الاتجاه لا يجب أن يتوقف، لأنه بالحد الأدنى سيثير ما يتعرض له الأسرى من انتهاكات في السجون الإسرائيلية، وقد يدفعها للتراجع عن ممارساتها بحقهم. لقد رحل جرادات بعد أن تحرر من أسر الاحتلال، رحل تاركا ً وراءه أما ًصابرة وزوجة مكلومة وأطفال يسألون عنه، هو حر الآن، لكن غيره آلاف من الأسرى ما زالوا يقبعون خلف قضبان الظلم والذل، فإلى متى انتظارهم؟ وهل من نصر قريب!! http://www.miftah.org |